الثورة التى مكنتنا من الإطاحة بمبارك وعصابته، لم تغيرالمكتب الذى كان يجلس عليه فى الاتحادية فما زال كما هو، عدا لوحة للأهرامات تتوسط صورا لآيات قرآنية، خلف مقعد الرئيس، وتم وضعها بدلا من صورة لباب الكعبة كانت تظهر فى الخلفية، المشكلة أننى كنت أصاب بضيق وحزن عندما كان المخلوع يجلس عليه ويقعد أمامه رئيس الوزراء أو أحد الخبراء أو الوزراء زى التلميذ الخايب يعرض خطته أو مشروعة بشكل يشعرك بأنهم لا يشتغلون معاه بل عنده عارفين ليه؟ لأنه كان يتعامل معهم كمجرد تابعين ويريد توصيل رسالة لنا بأنه الحاكم بأمره وأن اقتراحاتهم أو حتى أفكارهم إن كان لهم أفكار لا قيمة لها، الحقيقة أنه كان بارعا فى إعطاء الأوامر العشوائية المفاجئة وكذلك سياسية التجاهل التى كان يتمتع بها بامتياز وتفوق.
القصه أننى أسفت كثيراً ووضعت يدى على قلبى عندما وجدت الرئيس مرسى يستخدم نفس آليات الحكم البائد، ويستقبل رئيس وزرائه قبل تشكيل حكومتة بنفس الطريقة ونفس المكتب واستقبل آخرين بنفس الأسلوب، قلت لنفسى "عليه العوض وما فيش حاجة حتتغير"، ولكن تغيرت المعاملة وابتدأ الرئيس يستقبل الدكتور هشام قنديل فى صالون الرئاسة وبعيدا عن المكتب وبشكل إنسانى محترم وأسلوب راقٍ فى المعاملة، وأتمنى أن يستمر نفس الأسلوب الجديد حتى نحس أن الديكتاتور لن يعود.
شوف يا صاحبى لما أقولك الرئيس فى الدول المحترمة يتعامل مع أفراد إدارته بشكل يشعرهم بأنهم لا يشتغلون عنده بل معاه، وأنهم جميعا فريق عمل واحد يجمعهم هدف واحد هو الارتقاء بعملهم وفعل الأفضل؛ رغم اختلاف المناصب فى الدوله إلا أن الكل مكمل للآخر، النتيجة أنه سيتولد الشعور بأنهم يعملون فى جو عائلى كافٍ لكسر حواجز الخوف والرهبة اللذين لا يولدان إلا السلبية.
فالراحة النفسية تعتبر دعامة أساسية يوفرها الرئيس للطرف الذى يعمل معه، بل قد تعتبر الراحة النفسية هى أهم ما يطلبه المرؤوس من رئيسه. الرئيس الشاطر مهما كانت طبيعة المكان الذى يرأسه هو ذلك الشخص الذى يشعر من يعملون معه أن كل واحد منهم هو رئيس ومدير؛ مما يولد شعورا بالمسئولية لديهم، وأن نجاح أو فشل أى أحد منهم هو نجاحهم جميعا أو فشلهم جميعا.
الرئيس الذى يكسب حب واحترام الذين يعملون معه هو الحاكم الذى كسب قلوب شعبه ورعيته فيبقى فى قلوبهم وذاكرتهم بصورته الإنسانية مهما تغير منصبه، خاصة أن الجميع يعرف أن مدة الرئاسة لن تستمر إلى الأبد.